Skip to content

المدق – Al-Madaq

المدق: عن خرائط ومواسير القاهرة

يقدم مشروع المدق أرشيف مفتوح لأهم الخرائط التاريخية لمدينة القاهرة منذ عام ١٧٩٨ وحتی عام ١٩٢٠. كما يقدم رؤية عن المدينة تلقي الضوء علي جوانب منسية من تاريخها، وأهمها تاريخ البنية التحتية، وخاصة شبكات مياه الشرب والصرف الصحي. ولكن، ما هي العلاقة بين الخرائط والمواسير؟

سوق حمير في القاهرة وخلفه مواسير، حوالي ١٩٠٠-١٩٢٠ (من مكتبة الكونغرس)

وجدت في دار الوثائق المصرية الكثير من الملفات الخاصة بمشاريع البنية التحتية في القاهرة، وخاصة التي قامت الحكومة بإعدادها في عهد الاحتلال البريطاني. كان أكثر ما أثار اهتمامي هو عمل المهندسين الذين شاركوا في تصميم وإنشاء وإدارة هذه المشاريع. يترك هؤلاء المهندسين خلفهم سجل أرشيفي طويل ومتنوع، من دراسات وتقارير ومراسلات رسمية وجوابات إلخ. كان من ضمن هؤلاء المهندسين فرنسي إسمه جوليان بَروا (Julien Barois). استقر بروا في مصر عام ١٨٨١ وشغل منصب سكرتير عام وزارة الأشغال العمومية حتي عام ١٨٩٢ عندما عُهد له بدراسة إحدى مشاريع مجاري القاهرة. بعدها بسنتين، فشل هذا المشروع حين تبينت الدراسة التفصيلية أنه سوف يكلف ضعف ما كان مقرر له، أو مليون جنيه مصري بدلا من خمسمائة ألف، وهو ما جعل اللورد كرومر (المندوب السامي البريطاني في مصر) يرجئ المشروع لأجل غير مسمى.

سكرين شوت من خريطة بروا علی موقع المدق

ولكن بغض النظر عن عدم تحقق المشروع، انتجت دراسة بروا واحدة من أهم الخرائط التاريخية لمدينة القاهرة. تحتوي هذه الخريطة العملاقة علی ٣٥٣ لوحة، مساحة كل واحدة منهم حوالي متر في متر ونصف، ومعظمها علی مقياس رسم ١:٢٠٠ و١:٥٠٠. ولذلك تُظهر الخريطة مستوی استثنائي من التفاصيل، وهو ما كان مطلوبًا من أجل تصميم وتنفيذ مشروع لوضع المواسير في الشوارع. وإلا كيف يعمل المهندسون بدون خرائط؟ الشيء الآخر الاستثنائي في المسح الذي قام به المهندس بروا ومعاونيه، هو أنهم قاموا بتدوين أسماء ملاك الأراضي علی الأرض التابعة لهم في الخريطة، وبذلك فهي أيضا أول دراسة مسحية لرصد الأملاك في القاهرة باعتماد الخرائط. كانت الحكومة قد قررت رفع الضرائب العقارية من أجل تغطية بعض تكاليف مشروع المجاري، واستخدام هذه الخريطة لتنظيم السجلات العقارية في القاهرة علی أسس جديدة. في العام نفسه بدأت الحكومة في إجراء دراسة مسحية علی مستوی القطر المصري كله، وانتهت تلك الدراسة عام ١٩٠٧ حيث كان أهم نتائجها تطوير نظام جديد للسجلات الضريبية يعتمد الخرائط الحديثة، وقد تناول تيموثي ميتشيل أهمية هذا النظام في كتابه “حكم الخبراء” . يحتوي موقع المدق علی ٢٠ لوحة من خريطة المهندس بروا لعام ١٨٩٢، وهي حتی الآن توجد كاملة في هيئة المساحة بالجيزة حيث يعتمد عليها الجمهور كإحدی البراهين الرسمية التي يمكن استخدامها في إثبات حقوق الملكية من خلال الوراثة الشرعية.

(شهاب فخري إسماعيل)

المصادر والمراجع

Timothy Mitchell, Rule of Experts: Egypt, Techno-Politics, Modernity (Berkeley: University of California Press, 2002), Ch. 3.

دار الوثائق القومية، الوحدات الأرشيفية: مجلس النظار والوزراء، ديوان الأشغال العمومية

الهيئة المصرية العامة للمساحة، قسم الخرائط التاريخية

Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.