سبيل وكتاب أم محمد علي الصغير يُصنف من مُنشآت الرعاية الاجتماعية. يمثل هذا السبيل العلاقة بين الفن المعماري والزخارف الكتابية الإسلامية (الشعر). هذه العلاقة المذكورة نشأت في تقليد قديم معروف من التقاليد المعمارية العثمانية والفارسية، مثل الذي وجد في الأستانة في القرن الثامن عشر(حماده، ٢٠٠٨). وفي هذا “البوست” نتكلم حول السبيل ونقوشه الكتابية
وقد تم إنشاء السبيل على يد السيدة زيبا قادين بنت عبد الله البيضا المعروفة بوالدة محمد على الصغير ابن محمد على باشا الكبير، عام 1286ه/1869م، وهذا السبيل يقع بميدان رمسيس الآن بأول شارع الجمهورية – وهو اسم حديث للشارع الذي يمتد حاليًا من ميدان رمسيس إلى ميدان الجمهورية بعابدين، وفي القرن19 كان يسمى شارع “باب الحديد أو قنطرة الدكة أو نوبار” وهذا الشارع يبدأ من ميدان باب الحديد “رمسيس حاليًا” وينتهي عند قبيل ميدان قنطرة الدكة، وحتى١٨٧٠ كان هذا الميدان يمثل الحد الغربي لمساكن مدينة القاهرة و تقع محطة السكة الحديد قريب السبيل و وكان سبب الإنشاء أن يكون صدقة عن روح الأمير محمد علي المتوفى عام 1861م وقد يكون أنه السبب الأصلي لإنشائه في هذا المكان: مرحبا للمسافرين
السبيل من تصميم المهندس المعماري الإيطالي تشيرو بنتانيللي (١٨٣٣-١٨٨٤) هو من إقليم توسكانا حضر مع والده إلى مصر عام 1853م وقد عمل بنتانيللي بشكل رئيسي مع أفراد الأسرة الحاكمة، وبتكليف من سعيد باشا قام بتصميم قصر النيل بالقاهرة، وخلال الفترة 1873 وحتى 1879 كان في خدمة خوشيار هانم أم الخديوي إسماعيل -، وقد قام حسين باشا فهمي المعمار بحساب الخزان للسبيل “وهو من تلاميذ بعثة محمد علي باشا الخامسة، ونبغ في فنون الهندسة والرسم والزخرفة”(الرافعي 1989م)، وقد سجل السبيل في عداد الآثار الإسلامية فى 9/1/1952م
مصدر: تصوير كريمة نصر ٢٠١٩
أما اللوحات المزينة لواجهات السبيل نجد أنه يعلو واجهة حجرة التسبيل شريط كتابي نسخي به آيات قرآنية مختلفة به تشبهًا رمزيًا بالأنهار الموجودة بالجنة وحال المؤمنين أثناء الشراب منها.
وعلى جانبي هذه الشبابيك لوحتان من الجص المحلى بزخارف نباتية وهندسية على يسراهما ثمانية أبيات شعرية نصها
سطر 1: حليلة محبي قطر مصر محمــــــــد علي مليك العصر رب المحامد
سطر 2: ووالدة الشهم الأمير محمــــــــــــــــــــــــــــــد علــــي أثيل المجد عن خير والـد
سطر3: بنت لعباد الله في حب بعـــــــــــــــــــــــــلها وواحــــــــــدها أسنى سبيل لـــــقاصد
سطر4: فمن مائه الصافي كما شــــاء يرتوى بعافية في جسمــــــه كــــــــــــل وارد
سطر5: ويثنى بإخلاص عليها فإنـــــــــــــــــــــــــــــها بنتهُ لإحياء نفـــس غاد ووافــــــــد
سطر6: وسادت على أترابها في زمانــــــــــــــــــها بحســـــــــــــــــــــــــن ثواب دائم متزايد
سطر7: وفى دولة إسماعيل نالت من الورى ثناء بتوفيق لخير المقاصـــــــــــد
سطر8 : وقد قال مجدي فى بناهـــــــــــــــا مؤرخًا سبيل زبــــا عذب سني الموارد
ومن هذا النص بالسطر الثامن الشطر الثاني نستطيع أن نُطبق علم حساب الجمل “سبيل زبــــا عذب سني الموارد” والذي يكون حاصل جمعه هو نفس تاريخ الإنشاء 1286 هجريًا
مصدر: تصوير كريمة نصر ٢٠١٩
أما علي اليمين فنجد لوحة تأسيسية ذات كتابات عثمانية من ثمانية أسطر
سطر1: داور مصر محمد على پـاشا درانك آب كوثر ابله ساقيسى اوله حور جبيل
سطر2: اسم نجلپـده محمد على پـاشا درانك ايلدى والده سى انلرا ايـچـوز خير جزيل
سطر3: قيلدى ارواح محمد على باشا لرشادى ايده هرشنى خير مقبول همان رب جليل
سطر4: چـونكدهر بارا يدرا وخير جيلى اجرا لطيف بزدازايله عالمده بولة عمر طويل
سطر5: بوسبيليده بنا ايلداول كـــــــــــــــــان كرم همت كاملة سى قيلدي ثوابى تحصيل
سطر6: لذت نهر بهشتي بوليجق ابن ايچــــــز قيلدى معلوم كه جنتده ايمش منبع نيل
سطر7: دورايدوب بادكدردن كاداتن مولـــــــــــــــــى بويله خيراتلري قيلسون كرميله تكمــــــيل
سطر8:مستيا تاريخني نظيم ايده لمر مثل كهر ايتدى زيبا ي جهار حير وبنا قلدي سبيل
أما فى النص العثماني فلا يوجد حساب الجمل بالسطر الأخير مثل النص المكتوب باللغة العربية “ايتدى زيبا ي جهار حير وبنا قلدي سبيل” لذا فقد حاول المزخرف ضم تاريخ البناء بالأرقام فنجد أسفل الإطار المزخرف للوحة الرخامية مكتوب” سنة 1286″
(ك.ن)
المصادر والمراجع:
– أيمن فؤاد السيد، القاهرة خططها وتطورها العمراني، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة ، 2015م، ص 352.
– جومار، وصف مصر ( مدينة القاهرة ” الخطوط العربية على عمائر القاهرة”)، ترجمة وتحقيق زهير الشايب ومنى زهير الشايب ، دار الشايب للنشر، 1992م، ص 215-217.
– حسن عبد الوهاب، الأسبلة، مقال في مجلة العمارة (عدد 3-4) – المجلد الثالث ،1941م، ص53.
– زينب إسماعيل مرسي طلبة ، الآثار الباقية في شارع رمسيس بالقاهرة منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين “دراسة آثارية معمارية وفنية”، رسالة ماجستير، قسم الآثار الإسلامية، كلية الآثار، جامعة القاهرة، 2010م.
– عاصم محمد رزق ، أطلس العمارة الإسلامية والقبطية بالقاهرة ، مكتبة مدبولي ، 2003 ،ج5 ، ص 471-472.
– عبد الرحمن الرافعي، عصر محمد علي، دار المعارف، 1989م.
– علي باشا مبارك، الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة وبلادها القديمة والشهيرة، الجزء الثالث، الطبعة الثانية، مطبعة دار الكتب، القاهرة، سنة 1970، ص105.
– فتحي حافظ الحديدي ، التطور العمراني لشوارع مدينة القاهرة من البدايات حتى القرن الحادي والعشرين ، الدار المصرية اللبنانية ، القاهرة، 2014م ، ص 153.
– القاهرة: جولة معمارية إيطالية ، دليل حول المباني التاريخية التي قام بتصميمها وبناها إيطاليون خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، المعهد الثقافي الإيطالي بالقاهرة، ص42.
– محمد حسام الدين إسماعيل، وجه مدينة القاهرة ” من ولاية محمد علي حتى نهاية حكم إسماعيل1805-1879″، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة،2014م.
– محمود فتوح محمد سعدات،الفضائل النفسية والاجتماعية والقيمية لبناء الأسبلة المائية الوقفية الخيرية، الناشر مكتبة الألوكة، القاهرة، 1437 هـ – 2016 م.
– محمود محمد فتحي الألفي، العمارة الإسلامية في مصر خلال القرن التاسع عشر وأسرة محمد علي بالقاهرة 1805-1899م، رسالة دكتوراه (غير منشورة)، قسم العمارة، كلية الهندسة، جامعة القاهرة، سنة 1985م، ص 239-252.
– Shirine Hamadeh, The City’s Pleasures: Istanbul in the Eighteenth Century (Seattle:University of Washington Press, 2008).
Comments are closed, but trackbacks and pingbacks are open.